كاتب السؤال: علي | تاريخ السؤال: ١٤٣٧/٤/١١ |
لماذا لم يحاكم عليّ قتلة عثمان ولم يعاقبهم؟
الاجابة على السؤال: ٠ | تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٧/٤/١٨ |
لم يكن قتلة عثمان ممّن يعرفه عليّ بالتفصيل حتّى يعاقبهم، وكان جمع غفير من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم متّهمين بالإشتراك المباشر أو غير المباشر في قتله؛ كما روي عن غياث البكريّ أنّه قال: «سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنْ قَتْلِ عُثْمَانَ، هَلْ شَهِدَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَقَدْ شَهِدَهُ ثَمَانِمِائَةٍ»[١]، وروي عن هاشم بن عتبة بن أبى وقّاص أنّه قال في عثمان: «إِنَّمَا قَتَلَهُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ وَأَبْنَاءُ أَصْحَابِهِ وَقُرَّاءُ النَّاسِ حِينَ أَحْدَثَ الْأَحْدَاثَ وَخَالَفَ حُكْمَ الْكِتَابِ»[٢]، بالإضافة إلى مئات المسلمين الغاضبين الذين جاءوا إلى المدينة بدعوة من بعض الصحابة والتابعين من مختلف المدن، وخاصة الكوفة ومصر، وشاركوا في قتله[٣]، ومن الواضح أنّ محاكمة كلّ هذه الجموع الحاشدة لم تكن ممكنة لعليّ وكانت تؤدّي إلى الفتنة، في حين أنّ اللّه تعالى قال: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ﴾[٤]، وقال: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ﴾[٥].
لفهم صعوبة الأمر على عليّ، يكفي أن تعلم أنّ عائشة زوجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وإحدى أمّهات المؤمنين، كانت من المتّهمين الرئيسيّين بالمشاركة في قتل عثمان، إذ كانت تؤلّب الناس عليه وتفتيهم بقتله صراحة فتقول: «اقْتُلُوا نَعْثَلًا فَقَدْ كَفَرَ»[٦]، والمتّهم الآخر طلحة، وكان أشدّ الصحابة على عثمان، حتّى منعه الماء بعد أن قام بحصره[٧]. لذلك رماه مروان بن الحكم كاتب عثمان بسهم في حرب الجمل، فقتله وادّعى أنّه قتل قاتل عثمان[٨]. بناء على هذا، يمكن القول أنّ عليًّا في حرب الجمل حارب قتلة عثمان وعاقبهم عمليًّا على ما فعلوا، وإن هرب كثير منهم وتفرّقوا في البلاد.
من هنا يعلم أنّ عليًّا لم يقصّر في إقامة حدّ من حدود اللّه، وإن لم يُقم حدًّا فإنّما كان ذلك بسبب عدم تمكّنه من إقامته لفقد ما يكفيه من الأنصار، أو خوفه من الفتنة، أو منع الظالمين إيّاه، وهذه حقيقة لا يختلف فيها المسلمون.